الدب الصغير
يصفونها تارة بـ"البلدوزر"، وأخرى بكاسحة الالغام، أما لقب "الدشمة المتحركة" فقد نالته في لبنان. تلك هي Caterpillar D9 الاميركية الصنع، الاسرائيلية التدريع. يبلغ وزنها ما يقارب الستين طناً مع الدرع، وارتفاعها أربعة امتار، وتمتد لما يزيد على الثمانية امتار بين مقدمة رفشها والحفار في المؤخرة، تعمل بواسطة أربعة أذرع بقوة الضغط الهيدروليكي، تقوم بتحريك الرفش والحفار الذي في العادة يكون قطعة إضافية تركب في مؤخرة "البلدوزر"، وهو خاص بتحطيم الصخور القاسية أو الاسطح الجليدية. عرض الرفش يزيد على الاربعة امتار وارتفاعه يصل لنحو المترين. تقوم الجرافة بنثر التراب والغبار المضغوط بقوة لتنظيف الأرض من الألغام والعبوات، وهي الاكثر تدريعاً وتجهيزاً بالاسلحة الاوتوماتيكية الرشاشة للحماية، وقاذفات الصواريخ، ومثير الدخان للتمويه، وتصل سماكة درعها الى نحو 15 سنتمتراً من الفولاذ، ويتوزع التدريع بطريقة غير متوازية على الجسم بحيث يستطيع امتصاص الصدمة الناتجة عن أي هجوم على جسمها، وهو موجود كذلك على الأذرع الهيدروليكية الأربعة. > >يعتبرها العدو الأكثر أمناً، حيث يسمح لها التدريع بالعمل تحت وابل من النيران في محيط عسكري خطر جداً، ويستدل بذلك على أنه لم يسقط أحد من طواقمها طيلة انتفاضة الاقصى. يجلس السائق في غرفة القيادة التي تعلو المحركات و"الجنازير" خلف سبع طبقات من الزجاج المضاد للرصاص، لا تؤثر فيها العبوات لحظة انفجارها.. كانت تستخدم أيضاً لتبديل العناصر، استعملت كحصن متحرك، و"هي أشبه بدشمة ماشية". طاقمها مكون من عنصرين، السائق ومرافقه الذي يعمل مراقباً ومدافعاً في آن. وقد نالت الاهمية لأنها تأتي في المرتبة الاولى من ناحية الاداء العملي، حيث ان وزنها وقدرة محركها التي تبلغ 400 حصان، يسمحان لها بالقيام بالمهمات بفعالية وسرعة. > >دخلت الى لبنان في العام 1997 وكانت تقوم بمهمة المسح في المناطق المزروعة بالألغام، ولفتح الطرق. استخدمها الجيش الصهيوني بعد لبنان في فلسطين المحتلة بعد اندلاع انتفاضة الاقصى وفي عمليات "السور الواقي"، وفي الخليل استخدمت للوصول الى منزل أحد قادة حماس خليل القواسمة واغتياله، كما في تجريف وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها في مجزرة جنين، يومها استخدم العدو دزينة من هذا النوع في فتح الطرق أمام جنوده، فضلاً عن سحق الرجال والنساء تحت رفشها، وتكفي الاشارة الى أن أي بناية لم تكن تصمد أكثر من نصف ساعة أمام قوتها التدميرية، وبالامس القريب في مخيم رفح دخلت البيوت جارفة ما لا يقل عن ثلاثين بيتاً، ومن أشهر ضحاياها "راشيل كوري" الأميركية الجنسية التي سقطت حين هوى رفش البلدوزر على رأسها وبقيت تنزف حتى الموت، وكلنا يذكر يومها الصور التي نشرتها الصحافة العربية والعالمية عن مصرعها. > >اليوم هي الآلة "الرقم واحد" في عملية بناء جدار الفصل الذي يقيمه العدو، كذلك تعمل في تجريف بساتين الزيتون وفتح الطرق وحفر الانفاق لمصلحة مشروع الجدار. استعارها الاميركيون من الصهاينة في 6 آذار/ مارس 2003، واستعملت في حرب الخليج على ما نقل بعض التقارير، ووصفوها بـ"اللعبة". كان من مهامها القيام بحفر المواقع للآليات العسكرية الاميركية في الصحراء الكويتية، وقدرتها على نثر الرمل عبر اطلاق الهواء عليه ساهمت بترشيحها لهذا العمل. عادت الى لبنان مجدداً في الاسبوع المنصرم لتعيث فساداً في حقول بلدة مروحين الجنوبية. اصطادها رجال المقاومة الاسلامية، بعد ان تجاوزت الخط "الازرق" بأمتار، لم يمهلها الصاروخ الموجه التي هي مجهزة ضده، وحتى ضد صواريخ الجو ـ أرض الموجهة من الطائرات المقاتلة، فانفجر في برجها الذي أصبح كتلة نار ملتهبة وسقط سائقها على الفور وأصيب آخر بإصابات بالغة. ستون طناً من الحديد المتحرك، سقطت ولم يجرؤ الجنود المهزومون على الاقتراب منها الا في اليوم الثاني وبثياب مدنية ليسحبوها مقطورة الى احدى المستعمرات القريبة. لن تمر بعد اليوم لا عبر الخط "الازرق"، ولا عبر أي لون من ألوان إشارات السير. هنا إشارة "ممنوع المرور" يرسمها مجاهدو المقاومة الاسلامية بالدم الاحمر الهادر الممتد نهراً من المدينة المنورة الى مكة المكرمة في موسم الحج الكربلائي ..الى العاشر من محرم الحرام.
مصطفى خازم
البلدوزر المصروع
لو لم تستهدف نيران المقاومة بالأمس "البلدوزر" الإسرائيلي المدرع لكانت المسألة ستمر بشكل اعتيادي، أرضنا مفتوحة لآليات العدو وانتهاكاته دون حسيب أو رقيب، والامتار القليلة المستباحة ربما صارت مئات الأمتار بالطول والعرض. حتى ان البعض تفاجأ من كون المركبة العسكرية الصهيونية موجودة حقاً على الأرض اللبنانية، ما يعني ان الانتهاكات المستمرة كادت تصل الى حد النسيان والتكيف. > >لم نسمع قبل عملية التصدي أي موقف دولي مدين للخرق ا